روسلين
يوم الجمعة ٢٠٢٠/١١/٢٠م - عاشق النمر الكوري الجنوبي
أحضرت فتاة ما جميلة معها عصفورين صفراء اللون داخل قفص ، توجهت بلمسات رقيقة نحو أحدٍ ما آخر ، سيُصبح فيما بعد واحداً من أشد أصدقائها وأكثرهم قُربنا لها في تلك القرية يُدعى غريب.
لكن لنَعود للوراء قليلاً ، ونستخدم خاصية الفلاش باك.
وصلت تلك الفتاة لوجهتها أخيراً ، استغل ذلك الطريق نحو تلك الوجهة ساعات وساعات أكثر من المعتاد ، فبتلك القرية جمالها يَكمن في تشابه الأماكن وحتى القصص البسيطة الجميلة ، بعيدة عن تعقيدات المدن ومواويلها.
احست تلك الفتاة احساس وشعور غريب مفاجئ ، كون كل ما مرت به خلال اليوم ، خلال رحلتها تلك بهذه القرية ، كان مرتب ومقدر من رب الكون ، لتصل إلى هذا المكان دون غيره. وكأن من في الداخل تعرفه علم اليقين ، إلا أن الواقع هو غريب عنها بالفعل ، وستراه للمرة الأولى.
فتحت الباب ودخلت ، وتوجهت نحو رجلاً ما يقرأ جريدة ، ألقت عليه التحية بنبرة عذوبة بقولها: هاي
كما جرى حديثها المعتاد مع المارة التي صادفتهم منذ قدومها لتلك القرية ، وما رأت وما صادفت من قصص وحكايات وأماكن ، إلى أن وصلت لذلك الرجل.
سمعها جيداً سمع التحية تلك ليُجيب دون النظر لها: وعليكم السلام ، ثم قلب ورقة الجريدة وتابع بالقول: من الطارق ؟!
قالت معتذرة: عُذراً ، السلام عليكم ، أنا أدعى روسلين "أي الشمس قبل الغروب".
قال: وأنا أدعى غريب ، ما هي مشكلتك ؟!
قالت: عندي مشكلتين ، الأولى يسيرة والثانية عسيرة.
وقال وهو على ما يبدو غير مهتم غير مكترث لما تقول: لاختصرها عليكِ أنا منزعج اليوم ومتعكر صفو تفكيري ولست بمزاج على ما يرام لكل هذه الألغاز ، ماذا عندك سريعاً ، وإلا فالثالث هو الباب ، ها هو هناك تعلمين به بالطبع ، لتنصرفي من خلاله كما كان قدومك منه.
احست روسلين ببعض من الإهانة ، لثواني فقط ، إلا أنها قررت أن تستكمل الحديث معه.
وأضافت: يبدو لي هذا المكان مألوفاً من قبل.
أزاح غريب الجريدة التي كانت بين يديه واضعاً إياها على كرسي آخر كان بُقربه وبدأ يُعيرها إهتماماً أكثر وينظر لها.
وقال في نفسه: يبدو لي أنها قادمة لشيء جاد ، وليست كأولئك الأخريات السخيفات ممن يضعوا المكياج ويهمهم المال ، مع أخذ بعين الإعتبار بالوقت نفسه ، أنها كانت تضع على فمها حُمرة عنابي اللون.
ثم قال غريب بصوت خافت لكي تقترب روسلين: قُلتِ ما اسمك ؟
لم تقترب وقالت: جميل هذا التلفاز ، لكن يبدو لي أنه لا يعمل.
وأضافت: متى أخر مرة شغلته ؟
عاد احساس بالإهانة لغريب هذه المرة ، لم يَعتاد أن أحداً ما يتجاهله.
1-1 إذاً.
تابع غريب قوله: قبل قدومك بقليل ، التلفاز يَعمل.
يَحتاج فقط لمسح بعضاً من الغبار عليه ، ويَعود جديداً.
ردت قائلة: ألديك مشكلة مع الزمن ؟!
أنا متواجدة هنا للمرة الأولى.
فكيف لحق الغبار والأتربة أن تُغطي كل التلفاز بهذا الشكل !
الحقيقة أنك لم تُشغله من مدة طويلة يا .. قلت لي ما هو اسمك ؟
ضحك ابتسم غريب ابتسامة خفيفة.
وقال: غريب ، كغرابتك. لنعود إذاً من جديد ، ونقول ما هي مشكلتك ، أُحب أن تبدأي باليسير ، لدي عم تقريباً يَحمل نفس الاسم.
ردت روسلين قائلة: مع إحترامي له بالطبع ، ولكن ما خصني أنا بعمك ، هي مجرد مساعدة وسأنصرف.
قال غريب: إذاً فلنبدأ بالعسير ، ما هو عصيرك المفضل ؟!
قالت: غير مضحك. وكنت على وشك أن تخرج مني شيء واصفاً فيه إياك باسم خالي ، لكن غشيت عليك من الجلطة ، كونها ستكون مؤلمة وقاسية عليك.
قال: لأحاول أن أخمن اسمه ، يُدعى توني ربما.
توني النمر على علبة الحبوب الشهير.
ضحكت ، وقالت: لنعود للحديث عن المشكلة.
قال: تقصدي مشكلتين.
قالت: أصبحوا ثلاثة، وأتبعتها بابتسامة خفيفة لطيفة.
ليرد: الثالثة أمرها محلول. لنعود لليسير منها.
دق عمه بتلك اللحظة على الجوال الخاص به.
قال بنفسه غريب: كم عمي هو ابن حلال ، جميلة تلك الصدفة.
أغلق غريب الرنين ، وظل الجوال يرن في صمت ، دون أن يظهر كون غريب أغلق المكالمة.
توقف الإتصال ، ولم يتم إعادة الإتصال مرة ثانية سريعاً.
واستمرت المحادثة من جديد بين غريب و روسلين.
قال غريب: هل تُحبين الرقم إثنين يا روسلين ؟!
قالت روسلين: لما ؟
قال: فقط سؤال عابر ، لكي نعود للحديث عن المشكلة أو كلتا المشكلتين.
نبدأ بالثانية أم الأولى.
قالت: اليسيرة منها هي وببساطة ، ساعتي لا تعمل وتحتاج لبطارية.
قال: والمشكلة العسيرة ؟!
دخل بتلك اللحظة صاحبه يُدعى جورج.
ألقى جورج التحية وقال: أهلاً غريب.
ليرد غريب: أهلاً يا أهلاً وسهلاً بجورج.
ثم توجه غريب بنظره نحو روسلين وقال: إنه يوم سعدك.
لترد روسلين: ولما ، هل لكون عمك اتصل الآن.
تفاجئ غريب وقال: وكيف عرفتي بذلك.
لتقول روسلين: أتعلم كم ذكي متواجد الآن بهذا المكان ؟؟
قال غريب: واحد بالطبع.
قالت روسلين: صدقت هي ساعتي.
توجه غريب نظره من جديد لصاحبه جورج ، وقال: لنرى جورج كيف سيصلح ساعة روسلين تلك.
كون جورج هو أفضل من يُصلح الساعات بالقرية.
ليرد جورج بعد أن أعطته روسلين الساعة: أممممم ساعة لطيفة ، غير معتاد رؤيتها بالقرية من قبل !!
وأضاف جورج متوجهاً بحديثه لروسلين: أنتِ من المدينة صحيح ؟
لترد روسلين: نعم نعم هذا صحيح يا سيدي ، حضرة المحترم جورج ، وتابعت بالقول: وأخيراً حضرت بأحد يفهم علي ثم نظرت لغريب وأكملت: ودون تعالي.
نظر لها غريب أيضاً تابع النظر.
غادر جورج المكان ليبدأ بالفعل بإصلاح الساعة ، وكادت أن تلحقه روسلين.
نادى غريب على روسلين قائلاً: لتمهليني لحظة ، وقبل أن تغادري ، ما هي مشكلتك العسيرة ؟!
أجابت روسلين: أنت.
قال غريب وبسرعة بديهة: وماذا عن المشكلة الثالثة ؟؟
قالت روسلين: لدي عصفورين ، ولديهما مشكلة في النطق.
قال: وهل هما عصافير حُب.
قالت: نعم كيف عرفت.
قال: لي نظرة بالأمور.
رأيتك تضعهما هناك عند مجيئك لهنا.
سأعطيك رقم صديقي الدكتور البيطري. سيساعدك بالطبع.
لكون لدي احساس حادق أي قوي.
وتابع غريب قوله: هل سميتهما ؟!
قالت روسلين: أتصدق ، لم يَخطر على بالي أمراً كهذا !!
ليقول غريب: لا بأس ، أقترح عليكِ ، أن تُسمي الأنثى ، شوق أي الحنين.
قالت: وماذا عن الذكر ؟
قال: أقترحي أنتِ.
قالت: أمممم ، لنجعله "إباء" أي العز والكبرياء والكرامة ورفض الذل.
تصافحا بعدها غريب وروسلين ، وإتفقا على ضرورة الإجتماع مرة أخرى بين بعضهما بحديقة ما ، أو مكان عام ما ، كمطعم أو شيء من هذا القبيل.
وأخذا أرقام بعضهما ، وأنصرفت بعد ذلك روسلين بهدوء ، كما أقبلت.
وعند اللقاء الثاني بدأت حكاية صداقتهما.
نقطة .......