معنى صلاة الوتر
الوتر لُغَةً: من وَتَرَ، والوتر: الفَرد، وتُلفَظُ وَتْر ووِتر بِالفَتح والكَسر، قََوْلُه إِذا استجمرت فأوتر: أي ليكُن عَددها وتراً، وَصَلَاة الْوتر من هَذَا لكَونهَا رَكْعَة أَو ثَلَاثة؛ فعددها فَرد. وَقَوله: وتأتي بمعنى نَقُصَ، يُقَال وَتَرتَه أَي نقصته وَقيل مَعْنَاهُ أَصَابَهُ مَا يُصِيب المَوتور، وتأتي بِمَعْنى يظلمك، يُقَال وَتَرَه إِذا ظلمه.
الوتر في الاصطلاح
هي صلاةٌ مَخصوصةٌ في أوقاتٍ مَخصوصةٍ تُختَتَمُ بها صلاة اللّيل؛ سواء كان في أول اللّيل، أو وسطه، أو آخره، وتكون عدد ركعاتها فرديةً، ولذلك سُمِّيَت وِتراً.
صلاة الوتر ووقتها وعدد ركعاتها
صلاة الوتر سنة قربة مؤكدة، تبدأ بعد صلاة العشاء وتنتهي بطلوع الفجر هذه صلاة الوتر، تبدأ بعد صلاة العشاء وتنتهي بطلوع الفجر، وأقلها ركعة واحدة، هذا أقلها، وأفضلها إحدى عشرة ركعة أو ثلاثة عشرة ركعة لفعل النبي ﷺ، وإن زاد على ذلك فأوتر بخمس عشرة أو بعشرين مع الوتر أو ما أشبه ذلك فلا بأس فلا حرج؛ لأن النبي ﷺ قال: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلىى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى ولم يحد حداً، فدل ذلك على أنه إذا أوتر بخمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة أو خمس عشرة أو سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين كله طيب، أو أكثر من ذلك، أو أوتر بواحدة فقط أجزأه ذلك
حكم صلاة الوتر
أجمع جمهور المذاهب الفقهية الأربعة وأكثر أهل العلم أن صلاة الوتر هي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، واستندوا في ذلك على قوله جل وعلا في كتابه العزيز: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى" [البقرة: 238]، فلو كانت صلاة الوتر واجبة لكانت الفرائض 6 صلوات، والست لا تصح أن يكون لها وسطى، كما استندوا على ما رواه طلحة بن عبيد الله أن رجلًا أتى النبي فقال: "ما الإسلامُ؟ قال: خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ؛ قال: فهلْ عليَّ غيرُها؟ قال: لا إلَّا أن تطوَّع، فقال: واللهِ، لا أَزيد عليها ولا أنقُص منها، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفلحَ إنْ صَدَق" [رواه البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، والحديث واضح في أن الصلوات المفروضة خمسة، وكل ما سواها يدل في عداد التطوع والسنن النافلة فمَن أداها أثابه الله خير الجزاء في الدارني، ومَن تركها فلا إثم عليه إلا أنه فوّت على نفسه الخير الكثير، واستدلوا أيضًا على نهج النبي المصطفى إذ نوع في عدد ركعات الوتر، فمرة أوتر بثلاث، ومرة بخمس، ومرة بتسع، فلو كان الوتر فرضًا لكانت عدد ركعاته ثابتة غير قابلة للزيادة أو النقصان.
كيفية صلاة الوتر
تؤدى صلاة الوتر بهيئات مختلفة على النحو التالي: تؤدى صلاة الوتر ركعة واحدة يقرأ فيها المسلم سورة الفاتحة متبوعة بسورة قصيرة ثم يصلي ويسلم وهذا أدنى السنة.
من أدنى الكمال أداء صلاة الوتر ثلاث ركعات، تصلي بتشهد واحد وصلاة إبراهيمية في الركعة الثالثة، والحكمة من ذلك ألا تشبه صلاة المغرب، هناك كيفية أخرى: يسلم بين الركعتين ثم يوتر بواحدة منفردة بتشهد وسلام، ومن السنة في هذا المقام قراءة سورة الأعلى في الركعة الأولى، وسورة الكافرون في الركعة الثانية، وسورة الإخلاص في الركعة الثالثة.
في حال أراد المسلم أن يؤدي صلاة الوتر بخمس أو سبع ركعات فإنها تكون متصلة بتشهد واحد في آخرها، فعن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يوترُ بسبعٍ وبخمسٍ، لا يفصلُ بينهنَّ بسلامٍ ولا كلامٍ" [رواه ابن القيم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].[٥] يجوز أداء صلاة الوتر بتسع ركعات، وتكون متصلة أيضًا، فيما يجلس المسلم في الركعة الثامنة لقراءة التشهد، ثم ينهض ولا يسلم، فيجلس في التاسعة لقراءة التشهد والصلاة الإبراهيمية.
إذا أوتر المرء بإحدى عشرة ركعة فيسلم بين كل اثنتين، ويوتر بواحدة، وتجدر الإشارة إلى أن الهيئات المذكورة أعلاه يفعلها المرء ما دام أنه يصلي بمفرده، أما إذا كان يصلي بالناس فيحرص ألا يشق عليهم ما أمكن.
دعاء القنوت في صلاة الوتر
تعرف كلمة القنوت في معاجم اللغة العربية بانها مصدر مشتق من الفعل الثلاثي قَنَتَ وتعني الطاعة والخضوع وطول القيام، والسكوت والعبادة والصلاة، وأما اصطلاحًا فالقنوت دعاء مخصوص في محل القيام، ويتبين نص الدعاء في ما رواه الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: "علّمني رسولُ صلَّى عليْهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَّ في الوترِ -وفي رواية في قنوت الوترِ- اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، ولا يعزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ" [رواه الألباني
| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويستحب بعد التسليم قول: "سبحان الملك القدوس" ثلاثًا مع مد الصوت ورفعه في الثالثة، وقد زاد الدار قطني بالقول: "سبحان الملك القدوس، رب الملائكة والروح". وتجدر الإشارة إلى أن وقت الدعاء يكون في الركعة الأخيرة من صلاة الوتر، وتحديدًا بعد الاعتدال من الركوع، أو قبل الركوع فلا بأس، ولكنه بعد الركوع أفضل وهو قول أغلب أهل العلم، وفيه يرفع المسلم كلتا يديه إلى صدره ويبسط يديه لتظهر بطونهما إلى السماء، وقيل يضمهما إلى بعض كحال المستجدي، وأيا كان فالأحسن ألا يداوم المرء على قراءة دعاء القنوت في الوتر، فيفعله أحيانًا ويتركه أخرى لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان قد علّمه للحسين بن علي رضي الله عنهما.
فضل صلاة الوتر
وردت العديد من أحاديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حول فضل صلاة الوتر ومنها:
1- قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، قلنا : يا رسول الله،
ما هي ؟ قال : الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر» (رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي).
2- وهناك ما روى أبو داود والنسائي وغيرهما عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر.
3- وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث:
صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. رواه البخاري ومسلم.
4- وقد وروى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل،
فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل.
5- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا .رواه البخاري ومسلم.
6- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل فإذا أوتر
قال: قومي فأوتري يا عائشة. رواه مسلم.
7- وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس.
8- وعن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر.
رواه أبو داود والترمذي والنسائي.