العصامية.. مسلسل عن أول مليونيرة في العالم من أصول أفريقية
بدأ يوم 20 مارس/آذار الجاري عرض مسلسل "العصامية" (Self Made) على شبكة نتفليكس الإلكترونية، وهو مسلسل مقتبس عن القصة الحقيقية لحياة السيدة سارة بريدلاف التي تحول اسمها إلى مدام "سي جي والكر"، أول مليونيرة عصامية جمعت مالها بنفسها، والأهم أنها من أصول أفريقية.
وأحداث المسلسل مقتبسة عن كتاب سيرتها الذاتية الذي كتبته حفيدتها آليليا باندل، ويتكون من أربع حلقات فقط.
1- المرأة الحديدية السمراء
تبدأ أحداث المسلسل بسارة بطلة المسلسل وهي تحكي قصتها لبضع سيدات في السوق، وتحاول بيع منتج للعناية بالشعر، وعبر "الاسترجاع الفني" (Flashback) نشاهد معًا كيف تحولت سارة التي فقدت شعرها بسبب القلق والحزن وإساءات زوجها، إلى امرأة واثقة بشعر جميل، والخطوة التالية كانت محاولة مساعدة غيرها من السيدات للعناية بشعرهن والأهم بقوتهن الداخلية.
ولكن حلم سارة الكبير في أن تعمل على بيع المنتجات ومساعدة السيدات يُهزم على يد المرأة التي ساعدتها في البداية إيدي مونرو، التي لم تر فيها القدرات الكافية حتى تلحقها بفريق البائعات لديها، فهي على عكسهن ليست مختلطة العرق، ملامحها أفريقية وليست لديها بشرة بين البياض والسواد، ولا تمتاز بشعر ناعم، لتواجه سارة الإهانة بالكبرياء وتصمم على النصر سواء على صديقتها السابقة، أو على المعايير الظالمة حتى داخل مجتمع أصحاب الأصول الأفريقية.
وتبدأ سارة بالفعل حياة جديدة لنفسها، تقدم منتجها الخاص، وتنتقل لمدينة جديدة، تستخدم كل ذكائها ومواهبها للتسويق لعملها، ولكن ذلك لا يعني أن حياتها تخلو من المعوقات.
2- تحدي اللون والعرق
حياة مدام "سي جي والكر" لم تكن سهلة، خاصة لو تذكرنا أنها ولدت في نهايات القرن التاسع عشر، وبعد تحرير العبيد بعامين فقط، وبالتالي لم يكن من المفترض في ذلك العصر أن تكون هناك رائدات أعمال بالأساس، وليس رائدات أعمال من بين أصحاب الأصول الأفريقية الذين حتى سنوات قريبة كانوا عبيدا في مزارع البيض.
لذلك كل أفكارها التوسعية التي تعمل على رفع مستوى عرقها وجنسها كانت تقابل بصورة عدائية في البداية، حتى من أبناء ذات العرق، فعلى سبيل المثال أحد النافذين في مجال حقوق أصحاب البشرة السمراء رفض أن يدعمها لأنه من المرفوض ارتقاء المرأة السمراء قبل الرجل، أو تكسب مالًا أكثر منه، وهي تقوم بذلك هي ومن يعملن في مصنعها كذلك.
ولكن على مدار الحلقات الأربع تعرفنا على الطريقة التي استخدمتها سارة في النهوض من كل عثرة، وإنقاذ نفسها من الإحباط واليأس وحتى خيانة المقربين.
3- رحلة للماضي
يدور أغلب أحداث المسلسل في فترة بدايات القرن العشرين، وهي حقبة مصيرية في حياة أصحاب البشرة السمراء، وكذلك في الولايات المتحدة التي بدأت في التعافي من آثار الحرب الأهلية وحرب الاستقلال، وإعادة تكوين مجتمعات أبناء الأصول الأفريقية الذين حصلوا على حريتهم منذ أربعة عقود وولد أبناؤهم بعد نيل الحرية.
في تلك الفترة، برزت محددات للثقافة السمراء خاصة في الولايات الشمالية، مثل الأزياء المميزة، وموسيقى الجاز، وكذلك الاهتمام بالحفاظ على الثقافة الأفريقية والابتعاد عن محاولة التشبه بالبيض.
وقد اهتم صناع مسلسل "العصامية" بإبراز هذه الثقافة، فتميز المسلسل في تصميم الأزياء بصورة خاصة، لتكون شهادة على العصر، وبالطبع بما أن المسلسل تدور أحداثه عن أهم امرأة صنعت منتجات شعر في القرن الماضي فقد كان هناك اهتمام خاص بتسريحات الشعر البارعة والتي تناسب جمال الشعر الأفريقي وتبرز محاسن هذا العرق وجمالياته.
أما موسيقى الجاز، فقد برزت في العديد من المشاهد، سواء تلك الخاصة بابنة سارة التي أملت في أن تعمل مغنية أو في مجال الترفيه بإحدى مراحل حياتها، أو كموسيقى تصويرية مهمة لبعض المشاهد الأخرى
4- تشابه في المعاناة
لا يمكن إنكار أن اختيار الممثلة الأميركية أوكتافيا سبنسر كان بارعًا للغاية من صناع المسلسل، بالإضافة لكونها مناسبة للدور من حيث الشكل أو المرحلة العمرية غير أن هناك مزيدا من التوافق بين الاثنتين أكثر من ذلك.
فكما كانت سارة والكر امرأة اضطرت لإثبات نفسها بالقوة عبر مجالها في مجتمع رافض لوجود مثيلاتها، قامت أوكتافيا بالمثل في هوليود، فحتى عام 2011 ودورها في فيلم "عاملات المنزل" (The Help) الذي حازت عنه على جائزة أوسكار أفضل ممثلة كانت لا تقدم سوى أدوار صغيرة ومهمشة، وذلك لأسباب كثيرة منها أنها امرأة ذات أصول أفريقية لا تتوافق مع معايير الجمال الهوليودية مثل الرشاقة والجاذبية.
ولكن سبنسر بعد تحقيقها هذا الانتصار السينمائي، لم تتوقف بل استمرت في تقديم الأدوار المتميزة الواحد تلو الآخر، لتحصل على ترشيحين آخرين بالأوسكار في 2017 و2018، ومن المتوقع أن تترشح للغولدن غلوب والإيمي عن دورها في مسلسل "العصامية".