يتفاخر البعض ويتباهى بكثرة المهام التي يؤديها، باعتبارها نوعًا من الجد والاجتهاد، ولكنها تحمل في الوقت نفسه بعض الآثار السلبية، فكونك مشغولًا بشكل دائم قد ينعكس سلبًا على إنتاجيتك، وهي واحدة من ضمن أسباب قد تجعلك لا تفخر بكثرة الانشغالات والمهام المتعددة التي تؤديها في وقت واحد.
كشفت دراسة علمية أمريكية نُشرت في مجلة «علم النفس التجريبي» أن الطلاب استغرقوا وقتًا أطول لحل مسائل الرياضيات المعقدة، عندما اضطروا إلى التنقل من مهمة لأخرى، وأكدت أن هؤلاء الطلاب كانوا أبطأ في حل المسائل من أقرانهم بنسبة تصل إلى 40%، ولم تتوقف الآثار السلبية لتعدد المهام عند هذا الحد؛ بل كشفت الدراسة نفسها آثارًا سلبية نفسية أخرى، مثل: زيادة هرمونات التوتر، ونسبة الأدرينالين.
مع تعدد المهام والانتقال المتواصل من مهمة لأخرى قد يشعر البعض بسرعة الأداء، ولكن الانتاج النهائي للعمل قد يكون أقل، بحسب ما أكدت دراسة علمية بحثية، أجرتها جلوريا مارك الباحثة المتخصصة في الإنتاجية ودراسة المهام المتعدد وتأثير مقاطعات العمل، في جامعة «كاليفورنيا».
فبحسب دراسة جلوريا، فإنه عندما يُحول الأشخاص من مهمة لأخرى بشكل متكرر، فإنهم يعملون بشكل أسرع، ولكن بإنتاجية أقل نتيجة تأثيرات سلبية نتجت عن تلك المهام المتنوعة التي يؤديها؛ إذ تبين من خلال الدراسة، إنه بعد 20 دقيقة فقط من هذا العمل المتقطع، شعر المبحوثين بمستويات أعلى من الضغط بشكل كبير، بالإضافة إلى مشاعر الإحباط ، وعبء العمل، والإجهاد والتوتر.
مع كثرة الشعور بالانشغال يهمل البعض في حصوله على النوم الجيد ويقلص من ساعات نومه الطبيعية، ويعتبر ذلك مؤشر على كثرة الانتاجية والاجتهاد، ولكن هذه الأسطورة في الواقع تُكلف اقتصاديات الدول مليارات الدولارات، بل وقد يؤدي اضطراب النوم لزيادة معدل الوفيات، بحسب دراسة بحثية متخصصة.
ففي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2017، أجرت مؤسسة «راند أوروبا» للدراسات والأبحاث، دراسة عن التكلفة الاقتصادية لاضطرابات النوم، والنوم غير الكافي، على اقتصاديات خمسة من أقوى الدول اقتصاديًا على مستوى العالم، وهم أعضاء بمنظمة « التعاون الاقتصادي والتنمية»، وأظهرت الدراسة خسائر اقتصادية فادحة نتيجة اضطراب النوم للعاملين في الدول محل الدراسة، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وبريطانيا، وألمانيا، وكندا.