حسن م يوسف: المطران كبوجي هو "قديس المقاومة"


تم النشر بتاريخ 2020-04-26 16:59:09
حسن م يوسف: المطران كبوجي هو "قديس المقاومة"
صرح كاتب العمل حسن م يوسف بأن: "أبدئ بتهنئة قناة الميادين والعاملين بها ولبرنامج المشهدية وللعالم العربي والاسلامي فكل عام وأنتم بخير.   بدأت رحلتي مع هذه الشخصية "المطران كبوجي" والتي تُعد هذه الرحلة تكاد تكون بعمري، فقد كنت أتابع هذه الشخصية الفذة في مختلف مراحل حياتها ولكن الانغماس في الكتابة عن هذه الشخصية بدأ عقب وفاته مباشرةً، فمن بعد وفاته بأربعة أيام اتصلت بي المدير العام لمؤسسة الانتاج التلفزيوني والإذاعي "ديانا جبور" وأقترحت علي الفكرة، للبدء بالكتابة عن تلك الشخصية والتي أراها شخصية مستنيرة من شأنها أن تضيف أبعاد لحياة الناس، فهو ليس مجرد رجل دين بل هو "قديس المقاومة". وبمجرد أن تم التواصل معي للبدء بالكتابة عن هذه الشخصية اشترطت أن يكون مخرج العمل هو باسل الخطيب. لأبدأ بدايةً بكتابة المعالجة الدرامية أي التصور والمخطط الهندسي للعمل. ولأكن موضوعي أكثر فأنا حقيقةً إنتهيت من كتابة العمل قبل تحرير حلب، ولكن كان لا بد من طرح هذا الحدث أيضاً ضمن العمل، والذي أراه مهماً جداً بالنسبة للمطران كبوجي شخصياً.   لأن المطران كبوجي لم يكن يفوت مناسبة للتعبير عن موقفه مما جرى ويجري في سوريا حتى وفاته.   وبالتالي هذا المشهد الاستدلالي لتحرير حلب الذي افتتح في بداية العمل، هذا يمكن أن نرجعه إلى الصديق المخرج باسل الخطيب، وهي إضافة في مكانها.   لأن المطران كبوجي كان ورغم كونه كان متواجداً في روما، إلا أنه كان يعيش في حلب ويحتفظ بمؤونة من خيرات حلب، ويتنفس من هواء حلب وهو في روما.   وأضاف: بأن هناك كتاب وضعه الكاتب الروائي السوري الكبير حيدر حيدر، كتبه عام 1979، بعد تحرير المطران كبوجي وذهابه إلى روما، والذي استفدت منه كثيراً خلال مرحلة كتابة نص العمل، من بعد قراءة مما جاء في الكتاب. وهناك كتاب أخر قرأته أيضاً صدر عن دار طلاس عن المطران كبوجي، فيه مادة كثيرة كتبه المطران نفسه. ولكن أهم كتاب استفدت منه هو ذكرياتي في السجن.   وهو كتاب أجراه سركيس أبو زيد وانطوان فرنسيس وهما صحافيان لبنانيان، جائا إلى روما عام 1979 وعملا معه كتاب من حوالي 500 صفحة تقريباً، الذي فيه تفاصيل تفاصيل غنية جداً.   إضافةً إلى ذلك أنا شاهدت تسجيلات فيديو والصوت وقرأت كل ما كتب عنه وكل ما قاله، ثم ذوبت هذا كله في وجداني ورسمت شخصيته كما سترونها في المسلسل. وأضاف: أن المطران كبوجي منذ طفولته، كما قال في الكتاب الذي كتبه عنه الكاتب حيدر حيدر وحتى أنه ذكر في كتاب ذكرياتي في السجن بأنه كان رجلاً يرفض الظلم سواء كان على نفسه أو على الآخرين. أنا توقفت عند تفصيل أدهشني عن هذه الشخصية المناضلة، فمن بعد دخول جيش الاحتلال الصهيوني إلى القدس، هو عاش حالة تمزق داخلي لأنه وكما تعلموا أن في الدين المسيحي من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر، وأحبوا أعدائكم فالمطران كبوجي توصل لقراءة مختلفة لهذه النصوص واستنتج أن حاشا لله أن يكون السيد المسيح كان يقصد أن أحبوا الشر الذي يقترفه أعدائكم، قال أحبوا أعدائكم صحيح ولكن حاربوا الشر الذي يقترفه ضدكم، وبناءً على ذلك هو انخرط في عملية المقاومة.   هذه الشخصية الدينية استوقفتني كثيراً لكونها تعبر عن الدين الشامي، فالدين الشامي هو الذي يعتبر الوطن مدخلاً إلى الله.   مثلاً يقول المطران كبوجي من لا يحب أمته خائنٌ لربه، وأنا بعتقد أن هو في هذا الطريق الذي أختار السير به طريق المقاومة، ليهرب السلاح في سيارته الخاصة لرجال المقاومة، هو كان يسير على طريق سبقه إليه الشيخ المجاهد عز الدين القسام والشيخ صالح العلي والشيخ محمد الأشمر وآخرين أيضاً. كما أعتقد أن هذا تعبير عن الدين الشامي الذي ينظر إلى الوطن كما لو أنه مقدمة ما أو إطار يجب أن نتواصل مع خالقنا من خلاله".   أما مخرج مسلسل "حارس القدس" باسل الخطيب فقد صرح أيضاً يوم الجمعة 24-4-2020م وقبل عرض الحلقة 1 للعمل على قناة الميادين بأن: "أولاً مساء الخير ورمضان كريم على الجميع.   رحلتنا مع هذا المسلسل ومع هذه الشخصية الكبيرة رحلة طويلة جداً، فأنا أذكر تماماً عندما كنت في الثامنة من عمري، عام 1974 وكان المطران كابوتشي حينها قد الإعتقال والمحاكمة. أنني كنت أشاهد والدي    وأذكر تماماً كيف كان مستغرقاً في كتابة قصيدة، وعندما سألته عن ما الذي يشغلك ؟ ما الذي تكتبه ؟ هذه الأيام، أجابني بأنه يكتب قصيدة يُريد ارسالها إلى المطران كابوتشي في معتقله في فلسطين المحتلة وبالفعل كتبت هذه القصيدة، بعنوان الإعتراف، وعنونها حين إذٍ والدي "الإعتراف القصيدة المُهداة إلى أمير الكنيسة العربية المطران هيلاريون كابوتشي" ،   وقد تم إرسال هذه الرسالة بالسر ووصلت إلى المطران في معتقله في سجن الرملة. فبالتالي: لي ذكريات مع هذه الشخصية، لأن من وقتها بدأت أعرف وبدأت أقرأ وحكى لي والدي عن من هو المطران كابوتشي.   ولذلك أحببت كثيراً المفصلين الرئيسين في حياته كونه هو أولاً مطران سوري من حلب، هو من مواليد حلب كما تعلمون،   ثانياً هو مطران القدس فهو فعلياً جمع هاتين المدينتين وعبر عن هذا التلاحم بين سوريا وفلسطين، هذا التلاحم الذي نحن نؤمن به وبأنه كان موجود دائماً وسيبقى دائماً.   وأضاف: أن كاتب العمل الاستاذ "حسن" بذل مجهود كبير واستثنائي أثناء كتابة هذا السيناريو، تتطلب منه الأمر أن يعمل اتصالات ويذهب إلى مدينة حلب ويرى ويلتقي أناس ممن كانوا على صلة مباشرة مع المطران الراحل كابوتشي.   ومن ثم بخطوة لاحقة تتطلب مني الموضوع أن أذهب أنا أيضاً إلى مدينة حلب لأحاول أن أجمع مواد عن الأماكن التي كان يزورها المطران والناس التي ممن كان يعرفهم.   وحاولت أيضاً أن أجري لقاءات مع شخصيات مازالت محتفظة بذكرياتها مع المطران الراحل.   كما حاولنا أن نتواصل مع أشخاص كانوا مبتعدين تماماً ورافضين فكرة أن يتكلموا عن أي شيء مما جمعهم مع المطران الراحل، على سبيل المثال لا الحصر هناك الأخت منتهى والتي كانت مسؤولة عن شؤون المطران لأخر 30 سنة من حياته، فهي كانت ترفض الحديث عنه لوجود أمور خاصة، ولكون حزنها على موت المطران كان مازال جديد وظاهر ومسيطر عليها، ولكن من بعد أن شاهدت إهتمامنا ومتابعتنا، قررت أن تتحول إلى داعم كبير لنا ولهذا المشروع، وزودتنا بكثير من التفاصيل عن حياة المطران الخاصة التي لا يعرفها إلا ممن كان يعيش معه بأخر ثلاث عقود من حياته.   كما كشف عن أن تناول حلب بهذا العمل هو نابع عن كوننا عملنا على أن يكون المسلسل قائم على الأسبوع الأخير من حياة المطران، فقد تحررت حلب بتاريخ 22 كانون الأول/ديسمبر 2016 وتوفي المطران بتاريخ 1-1-2017م، لذلك أحببنا وبالتشاور مع كاتب العمل الاستاذ حسن من خلال هذا العمل أن نطرح الأسبوع الأخير من حياته ومن بعد أن علم بتحرير حلب، ليقرر المطران بعدها أن يستعيد حياته بدءاً من طفولته في حلب حين كان مازال طالباً في المدرسة بالعاشرة من عمره عام 1933 مروراً بكل الأحداث التي عاشها لاحقاً. أي أننا سنشهد أكثر من فترة زمنية خلال العمل، فالمسلسل قائم على مجموعة تداخل في الأزمنة، ولكن أعتقد أن هذا الشيء لن يشكل أي مشكلة للمشاهد، لكون وجود حالة انْسِيابيَّة بالتنقل بين الأزمنة، ليكون المشاهد مع أول حلقة ثاني حلقة قادر على أن يلتقت الشروط الفنية لهذا العمل ومفاتيح العمل ويتابع إن شاء الله بإهتمام.   وتابع بالقول: ولا أظن أن تقديمنا لشخصية دينية مسيحية مقاومة سيحدث أي إشكال لأن وكما تعلمون نحن بالنهاية شعب واحد وتاريخ واحد وعمرنا ما كان هذا التفريق بين واحد مسلم وواحد مسيحي،   وحين تتذكروا بأفلام مثل أفلام الراحل مصطفى العقاد مثلاً أنتوني كوين الذي هو ممثل مسيحي غربي استطاع لعب دور عمر المختار الثائر المجاهد المسلم، ولذلك برأيي هذا لن يفعل أي تفرقة بالحقيقة، لا على العكس لأنه نحن نعتبر التراث الديني الكنسي نعتبر المسيحية هي جزء من تاريخنا ومن هويتنا ومن حضارتنا، فبالتالي نحن على حالة إندماج. وأنا بالنهاية حينما أعمل على فيلم أو مسلسل عن مطران مسيحي، هذا بالعكس بأكد كم أنا أرى هذه الوحدة والتلاحم بين كل الأطياف وكل الأديان وفي سوريا على وجه الخصوص.   وأكد على أن: هذا المسلسل على حسب اعتقاده هو خير دليل وخير برهان على أننا ما نزال متمسكين بهذه المبادئ ونرفض كل هذا التشويه الطائفي الذي يجري خلال الحرب السورية مع دخولها عامها العاشر، وهذه المحاولات لخلق هذه الإنقسامات بين مجتمع كان يعيش طوال عمره بحالة انسجام وتفاهم ووئام.   المطران كابوتشي بالنهاية يعنيني أنا كمسلم ربما لن أقول أكثر ولكن يعنيني على نفس المستوى ما يعنيه لأي شخص مسيحي، تاريخه النضالي وتاريخه الانساني.   المطران كابوتشي كما تعلمون واجه بعض المفاهيم الموجودة داخل الكنيسة، قفز فوق تلك المفاهيم، تحدى هذه المفاهيم. بتذكر تماماً أن كل مواجهته لما كان طالب بدير الشير أو لاحقاً بالقديسة حنا في القدس، كل مواجهاته كانت تتلخص من أنه يرى أن الكاهن رجل الدين والمناضل الانسان الوطني يراهم شخص واحد وليس شخصين مختلفين. هذه المبادئ بقيت معه لأخر لحظة من حياته.   فبالتالي هذا التراث وطني، تراث انساني، أنا برأيي قبل أن يكون تراث ديني، لأنه المطران دفع ثمن مواقفه كما تذكرون، فمثلاً خلال مراسم تشييعه مع بداية العام 2017 نذكر المشهد المؤلم بالكنيسة بأن لم يكن هناك إلا عدد قليل جدا من الحضور ممن رافقوا المطران برحلته الأخيرة، وكأن كان هناك حالة من التجاهل، حالة من الغضب، تجاه تاريخ هذا الرجل. لذلك نحن نحاول بهذا المسلسل إن شاء الله نكون وفقنا بأن نرجع نقدم صورة المطران كابوتشي بشكل مختلف. وأضاف: بأن تاريخه ينصفنا وليس نحن الذين سننصفه، ولكن نحن سنقدم اليوم ليس مجرد مسلسل درامي للمشاهد يراه وهو يجلس في البيت، بل نحن نقدم وثيقة تاريخية فنية للأجيال القادمة لحتى تبقى ذكرى للمطران كابوتشي موجودة بذاكرتنا ووجداننا.

مقالات جديدة